(عيسى ابن مريم) في القرآن:
1. جاء ذكر سيدنا عيسى ابن مريم في القرآن الكريم 33 مرة, ولكن بصيغ مختلفة منها: ابن مريم, المسيح, عيسى, المسيح ابن مريم. وذلك بعدد سني عمره في الأرض والتي بلغت 33 عاما عليه السلام. وقد ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذلك في الحديث الشريف قائلا: (رفع عيسى ابن مريم إلى السماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة) [2] .أما اسمه الكامل (عيسى ابن مريم) فقد ورد بهذه الصيغة في القرآن الكريم (16) مرة بالضبط [3] .فتأمل هذه الإشارة المباشرة والربط الدقيق بين هذا التكرار في ذكر اسمه عليه السلام مع عدد الكر وموسومات الفردية (16) في ذكر النحل وغيرها من المؤشرات التي لها علاقة بهذا العدد (16) الوارد أعلاه بخصوص النحل في القرآن والعلم كمثال تقريبي, على معجزة خلق سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام, قال تعالى: ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) العنكبوت: 43.
2. إن سورة مريم في القرآن الكريم تقع في الجزء (16) منه وقصة سيدنا عيسى مع والدته مريم العذراء تبدأ في الآية (16) من هذه السورة, وذلك بقوله تعالى: ( واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا) مريم: 16.
فتأمل في هذا الربط الدقيق والرائع بينهما!
(مريم) في القرآن:
ومن بديع التناسق العددي والموضوعي بين سيدنا عيسى ووالدته العذراء مريم (أي بين الأم وولدها) أنهما حالة واحدة في هذه المعجزة فهما آية واحدة كذلك كما قال سبحانه وتعالى:
(وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) (المؤمنون: 50)
يقول الفخر الرازي في تفسير هذه الآية الكريمةفاشتركا جميعا في هذه الأمر العجيب الخارق للعادة انه جعلهما آية بنفس الولادة لأنه ولد من غير ذكر وولادتها من غير زوج... وذلك لأن الولادة فيه وفيها آية واحدة فيهما وقال تعالى (آية) ولم يقل (آيتين))! [4]
لذلك نجد من الإعجاز العددي القرآني في هذا الموضوع إن أسماء مريم قد تكررت في كتاب الله (16) مرة بالضبط موافقا لعدد عبارة (عيسى ابن مريم), التي جاءت (16) مرة أيضا.
وكما يلي في السور والآيات حسب ترتيب ورودها في القرآن الكريم [5] :
سورة آل عمران – الآيات :36 , 37 , 42 , 43 , 44 , 45
سورة النساء – الآيتان : 156 , 171
سورة المائدة – الآيات : 17 , 75 , 110 , 116
سورة مريم – الآيتان:16, 27
سورة المؤمنون – الآية: 50 (موضوعة البحث أعلاه)
سورة التحريم – الآية: 12
(الرحمن) في القرآن:
لقد تكررت كلمة (الرحمن) في سورة مريم (16) مرة بالضبط, ابتداءاً من الآية رقم (18) وانتهاءاً بالآية (96) والتي هي من مضاعفات الرقم (16) حيث أن: (96=16X 6), علما أن عدد آيات هذه السورة المباركة هو 98 آية. وإذا ما دققنا في الحكمة من تكرار اسم (الرحمن) الذي هو من أسماء الله الحسنى الفريدة في صفاته (لكونه من أسماء الذات), وبعدد أكثر من أي سورة أخرى في القرآن الكريم (وردت كلمة الرحمن 57 مرة فيه وفي هذه السورة لوحدها فقط (16) مرة أي بنسبة 30% من المجموع الكلي), لعرفنا السبب بأنه (والله اعلم) في هذه السورة تتجلى الرحمة الإلهية للبشرية بهدايتهم إلى العقيدة الصحيحة والمنهاج القويم في هذه الحياة وصولا إلى رضوان الله وسعادتهم في الدنيا والآخرة, وذلك عن طريق إرسال الأنبياء والمرسلين وإنزال الكتب السماوية كما ورد في هذا السياق في الآيات الآتية في هذه السورة المباركة:
· (ذكر رحمت ربك عبده زكريا) (مريم: 2).
· (قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا) (مريم: 21). والكلام هنا عن سيدنا عيسى عليه السلام
· (ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا) (مريم: 50). والكلام هنا عن سيدنا إبراهيم واسحق ويعقوب عليهم الصلاة والسلام.
· (ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا) مريم: 54. والكلام هنا عن سيدنا موسى عليه السلام. فالجو العام في هذه السور هو جو الرحمة, ومن رحمته عز وجل للبشرية انه أرسل إليهم خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى
· (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (الأنبياء: 107).
وفي شرح اسم (الرحمن) يقول الإمام أبو حامد الغزالي (المتوفى عام 606هـ) في كتابه (المقصد الاسنى في شرح أسماء الله الحسنى) ما نصه (الرحمن أسم مشتق من الرحمة والرحمة تستدعي مرحوما ولا مرحوما إلا وهو محتاج ....والرحمن أخص من الرحيم ولذلك لا يسمى به غير الله والرحيم قد يطلق على غيره فهو من هذا الوجه قريب من اسم الله الجاري مجرى العلم (لأنه دال على الذات الجامعة للصفات الإلهية كلها ولا يطلق على غيره لا حقيقة ولا مجازا) وأن كان هذا مشتقا من الرحمة قطعا, ولذلك جمع الله بينهما فقال: ( قل أدعو الله أو أدعو الرحمن أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى ) (الإسراء: 11).فالرحمن هو العطوف على العباد بالإيجاد أولا, وبالهداية إلى الإيمان وأسباب السعادة ثانيا, والإسعاد في الآخرة ثالثا, والإنعام بالنظر إلى وجهه الكريم رابعا) [6] .
لذلك, فأن الله عز وجل من رحمته ومن صفاته وكما رحم البشرية بأرسال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فانه سيرحمها ثانية بنزول سيدنا عيسى ابن مريم رحمة وهداية للناس جميعا قبل قيام الساعة, وكعلامة من علاماتها الكبرى, كما سبق وأن أرسله إلى بني إسرائيل رحمة وهداية وكذبوا به وأرادو قتله ورفعه الله حيا كما نص على ذلك في كثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة والتي منها:
أولا: قوله سبحانه و تعالى:
(إذ قال الله يا عيسى أني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) ال عمران: 55.
ثانيا: قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسى ابن مريم حكما مقسطا وإماما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله احد) [7] .
ويقول عليه الصلاة والسلام أيضا: (الأنبياء اخوة لعلات (أي أبوهم واحد),ودينهم واحد وأمهاتهم شتى وانا أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وانه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه ... فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويعطل الملل حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب وتقع الامنة في الأرض حتى ترتع الإبل مع الأسد والذئاب مع الغنم فيمكث ما شاء الله أن يمكث, ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ويدفنوه) [8] .
من اجل ذلك ولغيره – والله اعلم- تكررت كلمة (الرحمن) في هذه السورة أكثر من غيرها لتضفي عليها جو من الرحمة التي تتمثل بها هذه الصفة المتميزة للبارئ عز وجل (الرحمن الرحيم), والتي جاءت متناسقة معنىً وعددا مع تكرار اسم سيدنا (عيسى ابن مريم) والعدد (16) أيضا في سورة مريم , في إعجاز علمي ورقمي جديد وفريد للقرآن الكريم, يقرب لنا مفهوم عودته ونزوله حيا رحمة للأمة وانتصارا للحق والإسلام, كما قرب لنا معجزة خلقه في حالة خلق ذكر النحل من بيضة غير ملقحة, ناتجة عن الملكة الحقيقية أو الملكة الكاذبة العذراء من دون تلقيح من ذكر كما بيناه أنفا.
هذه هي الحقيقة الباهرة وهذا هو عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون عبد مخلوق ابن العذراء مريم القديسة, لا أب له, انه نبي ورسول وهو معجزة في بدايته ولديه معجزات كثيرة في حياته وغيابه معجزة وعودته مرة أخرى معجزة انه عيسى ابن مريم, الحقيقة الباهرة.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل والحمد لله رب العالمين[img]
[/img][img]
[/img][img]
[/img]